قَالُوا: وَلِأَنَّ الْمِيرَاثَ بِالْوَلَاءِ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ، فَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ اخْتِلَافُ الدِّينِ، لِوِلَايَةِ الْكَافِرِ عَلَى أَمَتِهِ، وَلِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْهُ أَحَقَّ بِمِيرَاثِهِ لَنَسَبٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ جَزَاءٌ عَلَى نِعْمَةِ الْمُعْتِقِ، وَهَذَا مِنْ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ، وَكَمَالِهَا: فَأَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الْمِيرَاثِ أَحَقُّهُمْ بِالْإِنْعَامِ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ.
يُؤَكِّدُهُ: أَنَّ الْمِيرَاثَ بِالْوَلَاءِ يَجْرِي مَجْرَى الْمُعَاوَضَةِ، وَلِهَذَا يَرِثُ بِهِ الْمَوْلَى الْمُعْتِقُ، دُونَ الْعَتِيقِ عِوَضًا عَنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ بِالْعِتْقِ.
قَالَ الْمَانِعُونَ: الْكُفْرُ يَمْنَعُ التَّوَارُثَ، فَلَمْ يَرِثْ بِهِ الْمُعْتِقُ، كَالْقَتْلِ.
قَالَ الْمُوَرِّثُونَ: الْقَاتِلُ يُحْرَمُ الْمِيرَاثَ لِأَجْلِ التُّهْمَةِ، وَمُعَاقَبَةٌ لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ. وَهَاهُنَا عِلَّةُ الْمِيرَاثِ الْإِنْعَامُ، وَاخْتِلَافُ الدِّينِ لَا يَكُونُ مِنْ عِلَلِهِ، وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ مِنْ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ، وَهِيَ:
[الْأُولَى:] تَوْرِيثُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ قِسْمَتِهِ.
[الثَّانِيَةُ:] وَتَوْرِيثُ الْمُعْتِقِ عَبْدَهُ الْكَافِرَ بِالْوَلَاءِ.
[الثَّالِثَةُ:] وَتَوْرِيثُ الْمُسْلِمِ قَرِيبَهُ الذِّمِّيَّ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ نِزَاعٍ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ فَلَمْ يُعْلَمْ عَنِ الصَّحَابَةِ فِيهِمَا نِزَاعٌ، بَلِ