أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَاحْتِجَاجُهُ أَنَّهُ قَالَ بِتَوْرِيثِهِمْ.
قَالَ: وَهَذَا كَلَامٌ غَيْرُ مُحْكَمٍ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ ظَنَّهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ بْنِ ثَوَابٍ قَالَ عَنْهُ: لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ، وَأَمَّا حَرْبٌ فَقَدْ قَالَ: إِنِّي قُلْتُ لَهُ: لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ؟ قَالَ: " لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ "، وَحَكَى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنَّهُ لَا يُوَرِّثُهُمْ، وَهُوَ قَدِيمُ السَّمَاعِ.
وَحَكَى حَرْبٌ أَنَّهُ يُوَرِّثُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ، وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ.
وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى، وَأَنَّ الْكُفْرُ مِلَلٌ مُخْتَلِفَةٌ لَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَهُوَ الَّذِي نَصَرَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ فِي " تَعْلِيقِهِ "، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» وَلِأَنَّهُمْ لَا يَتَنَاصَرُونَ وَلَا يَتَعَاقَلُونَ، وَلَا يُوَالِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
قَالَ الشَّيْخُ فِي " الْمُغْنِي ": وَلَمْ يُسْمَعْ عَنْ أَحْمَدَ تَصْرِيحٌ بِذِكْرِ أَقْسَامِ الْمِلَلِ.
قَالَ الْقَاضِي: الْكُفْرُ ثَلَاثُ مِلَلٍ: الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ، وَدِينُ مَنْ عَدَاهُمْ؛ لِأَنَّ مَنْ عَدَاهُمْ يَجْمَعُهُمْ أَنَّهُمْ لَا كِتَابَ لَهُمْ، وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَعَطَاءٍ، وَعُمَرَ