مَعُونَةَ، فَلَمَّا قُتِلُوا أَسْلَمَ هُوَ وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَجَدَ فِي طَرِيقِهِ رَجُلَيْنِ مِنَ الْحَيِّ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ، وَكَانَ مَعَهُمَا عَهْدٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَانٌ، فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ عَمْرٌو فَقَتَلَهُمَا، فَوَدَاهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ بَعَثَ بِدِيَتِهِمَا إِلَى أَهْلِهِمَا.
وَهَذَا اخْتِيَارُ الشَّيْخَيْنِ: أَبِي مُحَمَّدٍ وَأَبِي الْبَرَكَاتِ، وَاحْتَجَّ مَنْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ بِالْعُمُومَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ لِتَوْرِيثِ الْمِلَّةِ الْوَاحِدَةِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ.
قَالُوا: وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: " «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ» " يَقْتَضِي تَوَارُثَ أَهْلِ الْمِلَّةِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ دِيَارُهُمْ، وَلِأَنَّ مُقْتَضَى التَّوْرِيثِ قَائِمٌ، وَهُوَ الْقَرَابَةُ، فَيَعْمَلُ عَمَلَهُ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ: لَا يَرِثُ حَرْبِيٌّ ذِمِّيًّا، وَلَا ذِمِّيٌّ حَرْبِيًّا؛ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا مُنْقَطِعَةٌ، وَهِيَ سَبَبُ التَّوَارُثِ، فَأَمَّا الْمُسْتَأْمِنُ فَيَرِثُهُ أَهْلُ الْحَرْبِ، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْمُسْتَأْمِنُ لَا يَرِثُهُ الذِّمِّيُّ لِاخْتِلَافِ دَارِهِمَا، وَيَرِثُ