قَالُوا: وَلِأَنَّهَا يَجُوزُ لِلذِّمِّيِّ نِكَاحُهَا، فَجَازَ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحُهَا كَالْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ، وَعَكْسُهُ الْوَثَنِيَّةُ.
قَالُوا: وَلِأَنَّهُ تُبَاحُ ذَبِيحَتُهَا، فَأُبِيحَ نِكَاحُهَا كَالْحُرَّةِ.
قَالَ الْمُحَرِّمُونَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] ، فَأَبَاحَ تَعَالَى نِكَاحَ الْأَمَةِ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ:
أَحَدُهَا: عَدَمُ الطَّوْلِ لِنِكَاحِ الْحُرَّةِ.
وَالثَّانِي: إِيمَانُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ.
وَالثَّالِثُ: خَشْيَةُ الْعَنَتِ.
فَلَا تَتَحَقَّقُ الْإِبَاحَةُ بِدُونِ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ الْفَرْجَ كَانَ حَرَامًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أُبِيحُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَبِهَذَا الشَّرْطِ، فَإِذَا انْتَفَى ذَلِكَ بَقِيَ عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ.
قَالَ الْمُبِيحُونَ: غَايَةُ هَذَا أَنَّهُ مَفْهُومُ شَرْطٍ، وَالْمَفْهُومُ عِنْدَنَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
قَالَ الْمُحَرِّمُونَ: نَحْنُ نُسَاعِدُكُمْ عَلَى أَنَّ الْمَفْهُومَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَلَكِنَّ الْأَصْلَ فِي الْفُرُوجِ التَّحْرِيمُ، وَلَا يُبَاحُ مِنْهَا إِلَّا مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا أَبَاحَ نِكَاحَ الْأَمَةِ الْمُؤْمِنَةِ، فَيَبْقَى مَا عَدَاهَا عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ، عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ لَوْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي الْحِلِّ لَمْ يَكُنْ فِي ذِكْرِهِ فَائِدَةٌ، بَلْ كَانَ زِيَادَةً فِي اللَّفْظِ، وَنُقْصَانًا مِنَ الْمَعْنَى، وَتَوَهُّمًا لِاخْتِصَاصِ الْحِلِّ بِبَعْضِ مَحَالِّهِ، وَكَلَامُ الْعُقَلَاءِ فَضْلًا عَنْ كَلَامِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ يُصَانُ عَنْ ذَلِكَ: