وَعَارَضَ أَحْمَدُ قَوْلَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِإِقْرَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِمْ تَرْكَ أَنْكِحَتِهِمْ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِمْ مِنْ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ مَعَ عِلْمِهِ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ.
وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَلْفَهُ، وَهُمْ إِنَّمَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ لِيُقَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ، وَشِرْكِهِمُ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مِنْ نِكَاحِ مَحَارِمِهِمْ، فَإِقْرَارُهُمْ كَإِقْرَارِ الْيَهُودِ عَلَى نِكَاحِ بَنَاتِ الْإِخْوَةِ، وَالْأَخَوَاتِ، وَعَلَى سَائِرِ أَنْكِحَتِهِمُ الْفَاسِدَةِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يُقَرُّونَ، فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ فِي مَجُوسِيٍّ تَزَوَّجَ نَصْرَانِيَّةً، قَالَ: يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا. قِيلَ: مَنْ يَحُولُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: الْإِمَامُ، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ: لِأَنَّ عَلَيْنَا ضَرَرًا فِي ذَلِكَ، يَعْنِي بِتَحْرِيمِ أَوْلَادِ النَّصْرَانِيَّةِ عَلَيْنَا.
قَالَ: وَهَكَذَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِهِ فِي تَزْوِيجِ النَّصْرَانِيِّ الْمَجُوسِيَّةَ.