عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَالْمُفَارَقَاتُ قَدْ بِنَّ عَنْهُ وَخَرَجْنَ عَنْ عِصْمَتِهِ، وَقَدْ يُسَافِرْنَ إِلَى أَهْلِيهِنَّ وَقَدْ يَذْهَبْنَ حَيْثُ شِئْنَ فَلَا تُعْلَمَ أَحْوَالُهُنَّ، فَمَا يَدْرِيهِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ؟ !
فَإِنْ قُلْتُمْ: " يَنْتَظِرُ عِلْمَهُ بِذَلِكَ، أَوْ يَنْتَظِرُ حَتَّى يَصِرْنَ إِلَى حَدِّ الْإِيَاسِ فَيَحْسِبُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ "، كَانَ هَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَلَا تَأْتِي الشَّرِيعَةُ بِهِ.
وَإِنْ قُلْتُمْ: " يَنْتَظِرُ مِقْدَارَ ثَلَاثِ حِيَضٍ " فَالْحَيْضَةُ قَدْ يَطُولُ زَمَنُ مَجِيئِهَا، فَلَا يُعْلَمُ مَتَى تَجِيءُ، فَكَيْفَ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالشَّكِّ.
فَإِنْ قُلْتُمْ: " هَذَا بِعَيْنِهِ وَارِدٌ فِيمَنْ طَلَّقَ إِحْدَى الْأُخْتَيْنِ، أَوْ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعٍ "، فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحُكْمَ فِي صُورَةِ النَّقْضِ لَمْ يَثْبُتْ بِنَصٍّ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ، وَلَا إِجْمَاعٍ لَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَسَأَلْتُ شَيْخَنَا عَنْهُ فَقَالَ لِي: " الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ عِدَّةَ " الرَّجْعِيَّةِ "، وَهَاهُنَا يَتَحَقَّقُ الْإِجْمَاعُ، وَأَمَّا الْبَائِنُ فَأَيْنَ الْإِجْمَاعُ فِيهَا؟
قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَالْحُجَّةُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ: انْقِطَاعُ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ بِانْقِطَاعِ أَحْكَامِهَا مِنَ الْإِيلَاءِ، وَالظِّهَارِ، وَاللِّعَانِ، وَالْمِيرَاثِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ".