دُونَهَا، فَأَبْقَاهُ عَلَى نِكَاحِهِ، وَلَمْ يَسْأَلِ امْرَأَتَهُ هَلِ انْقَضَتْ عِدَّتُكِ أَمْ لَا؟ وَلَا سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ امْرَأَةً وَاحِدَةً مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْهُنَّ أَسْلَمَ بَعْدَ مُدَّةٍ يَجُوزُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ فِيهَا، وَصَفْوَانُ ابْنُ أُمَيَّةَ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " حُنَيْنًا "، وَهُوَ مُشْرِكٌ، وَشَهِدَ مَعَهُ " الطَّائِفَ " كَذَلِكَ إِلَى أَنْ قَسَّمَ غَنَائِمَ " حُنَيْنٍ " بَعْدَ الْفَتْحِ بِقَرِيبٍ مِنْ شَهْرَيْنِ، فَإِنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَغَنَائِمُ (حُنَيْنٍ) قُسِّمَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَيَجُوزُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ.
قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ، فَتَجْدِيدُ رَدِّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَوْ كَانَ هُوَ شَرْعُهُ الَّذِي جَاءَ بِهِ لَكَانَ هَذَا مِمَّا يَجِبُ بَيَانُهُ لِلنَّاسِ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَإِنَّهُمْ أَحْوَجُ مَا كَانُوا إِلَى بَيَانِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ - مَعَ حَدِيثِ زَيْنَبَ - يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَسْلَمَتْ وَامْتَنَعَ زَوْجُهَا مِنَ الْإِسْلَامِ فَلَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ، وَتَنْتَظِرَ إِسْلَامَهُ، فَإِذَا اخْتَارَتْ أَنْ تُقِيمَ مُنْتَظِرَةً لِإِسْلَامِهِ، فَإِذَا أَسْلَمَ أَقَامَتْ مَعَهُ فَلَهَا ذَلِكَ، كَمَا كَانَ النِّسَاءُ يَفْعَلْنَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَزَيْنَبَ ابْنَتِهِ وَغَيْرِهَا، وَلَكِنْ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ وَطْئِهَا، وَلَا حُكْمَ لَهُ عَلَيْهَا، وَلَا نَفَقَةَ، وَلَا قَسَمَ، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إِلَيْهَا لَا إِلَيْهِ، فَلَيْسَ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالِ زَوْجًا مَالِكًا لِعِصْمَتِهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا يَحْتَاجُ إِذَا أَسْلَمَ إِلَى ابْتِدَاءِ عَقْدٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى وَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَمَهْرٍ وَعَقْدٍ، بَلْ إِسْلَامُهُ بِمَنْزِلَةِ قَبُولِهِ لِلنِّكَاحِ، وَانْتِظَارُهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِيجَابِ.
وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَقْدَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ جَائِزٌ لَا لَازِمٌ، وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ، وَلَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجَةِ فِيهِ، وَلَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ.