وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَا مَنْ يَرَى عَرْضَ الْإِسْلَامِ عَلَى الثَّانِي، فَإِنْ أَبَى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا.
وَهَذِهِ الْآثَارُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهَا، فَإِنَّ النِّكَاحَ بِالْإِسْلَامِ يَصِيرُ جَائِزًا بَعْدَ أَنْ كَانَ لَازِمًا، فَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَجِّلَ الْفُرْقَةَ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْرِضَ الْإِسْلَامَ عَلَى الثَّانِي، وَيَجُوزُ إِبْقَاؤُهُ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ التَّرَبُّصُ بِهِ إِلَى أَنْ يُسْلِمَ، وَلَوْ مَكَثَتْ سِنِينَ، كُلُّ هَذَا جَائِزٌ لَا مَحْذُورَ فِيهِ.
وَالنِّكَاحُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
(1) حَالُ لُزُومٍ.
(2) وَحَالُ تَحْرِيمٍ وَفَسْخٍ لَيْسَ إِلَّا، كَمَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ مَنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا.
(3) وَحَالُ جَوَازٍ وَوَقْفٍ، وَهِيَ مَرْتَبَةٌ بَيْنَ الْمُرْتَبَتَيْنِ لَا يُحْكَمُ فِيهَا بِلُزُومِ النِّكَاحِ، وَلَا بِانْقِطَاعِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ تَكُونُ الزَّوْجَةُ بَائِنَةً مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ.
«وَلَمَّا قَدِمَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ الْمَدِينَةَ فِي زَمَنِ الْهُدْنَةِ، وَهُوَ مُشْرِكٌ، سَأَلَتِ امْرَأَتُهُ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلْ يَنْزِلُ فِي دَارِهَا؟ فَقَالَ: إِنَّهُ زَوْجُكِ، وَلَكِنْ لَا يَصِلُ إِلَيْكِ» .