98 - فَصْلٌ
[حُكْمُ تَوْلِيَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضَ شُئُونِ الْبِلَادِ الْإِسْلَامِيَّةِ]
وَلَمَّا كَانَتِ التَّوْلِيَةُ شَقِيقَةَ الْوِلَايَةِ كَانَتْ تَوْلِيَتُهُمْ نَوْعًا مِنْ تَوَلِّيهِمْ، وَقَدْ حَكَمَ تَعَالَى بِأَنَّ مَنْ تَوَلَّاهُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، وَلَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ إِلَّا بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ، وَالْوَلَايَةُ تُنَافِي الْبَرَاءَةَ، فَلَا تَجْتَمِعُ الْبَرَاءَةُ وَالْوَلَايَةُ أَبَدًا، وَالْوَلَايَةُ إِعْزَازٌ، فَلَا تَجْتَمِعُ هِيَ وَإِذْلَالُ الْكُفْرِ أَبَدًا، وَالْوَلَايَةُ صِلَةٌ، فَلَا تُجَامِعُ مُعَادَاةَ الْكَافِرِ أَبَدًا.
99 - فَصْلٌ
[الْمَلِكُ الصَّالِحُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]
وَلَوْ عَلِمَ مُلُوكُ الْإِسْلَامِ بِخِيَانَةِ النَّصَارَى الْكِتَابَ، وَمُكَاتَبَتَهُمُ الْفِرِنْجَ أَعْدَاءَ الْإِسْلَامِ، وَتَمَنِّيَهُمْ أَنْ يَسْتَأْصِلُوا الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَسَعْيَهُمْ فِي ذَلِكَ بِجَهْدِ الْإِمْكَانِ - لَثَنَاهُمْ ذَلِكَ عَنْ تَقْرِيبِهِمْ وَتَقْلِيدِهِمُ الْأَعْمَالَ.
وَهَذَا الْمَلِكُ الصَّالِحُ كَانَ فِي دَوْلَتِهِ نَصْرَانِيٌّ يُسَمَّى مُحَاضِرَ الدَّوْلَةِ أَبَا الْفَضَائِلِ بْنَ دُخَانٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمُبَاشِرِينَ أَمْكَنُ مِنْهُ.
وَكَانَ الْمَذْكُورُ قَذَاةً فِي عَيْنِ الْإِسْلَامِ، وَبَثْرَةً فِي وَجْهِ الدِّينِ، وَمَثَالِبُهُ فِي الصُّحُفِ مَسْطُورَةٌ، وَمَخَازِيهِ مُخَلَّدَةٌ مَذْكُورَةٌ، حَتَّى بَلَغَ مِنْ أَمْرِهِ أَنَّهُ