مِنْ كُلِّ عَبْدٍ إِضْمَارَهُ كَمَا عَلِمَ تَصْرِيحَهُ: {يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: 41] ، الَّذِي شَرَّفَ دِينَ الْإِسْلَامِ وَعَظَّمَهُ، وَقَضَى بِالْعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ لِمَنِ انْتَحَاهُ وَتَيَمَّمَهُ، وَفَضَّلَهُ عَلَى كُلِّ شَرْعٍ سَبَقَهُ وَعَلَى كُلِّ دِينٍ تَقَدَّمَهُ، فَنَصَرَهُ وَخَذَلَهَا وَأَشَادَ بِهِ وَأَخْمَلَهَا، وَرَفَعَهُ وَوَضَعَهَا، وَوَطَّدَهُ وَضَعْضَعَهَا، وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ دِينًا سِوَاهُ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ.

فَقَالَ تَعَالَى وَهُوَ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] .

وَشَهِدَ بِهِ لِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ بِهِ مَلَائِكَتَهُ وَأُولِي الْعِلْمِ الَّذِينَ هُمْ خُلَاصَةُ الْأَنَامِ، فَقَالَ تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ - إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 18 - 19] .

وَلَمَّا ارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ وَأَتَمَّ عَلَيْهِمْ بِهِ نِعْمَتَهُ أَكْمَلَهُ لَهُمْ وَأَظْهَرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَأَوْضَحَهُ إِيضَاحًا مُبِينًا، فَقَالَ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] .

وَفَرَّقَ بِهِ بَيْنَ أَوْلِيَائِهِ وَأَعْدَائِهِ وَبَيْنَ أَهْلِ الْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَأَهْلِ الْبَغْيِ وَالرَّشَادِ، فَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 20] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015