36 - فَصْلٌ
فِي الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنِ اتِّفَاقٍ وَافْتِرَاقٍ.
الْخَرَاجُ هُوَ جِزْيَةُ الْأَرْضِ كَمَا أَنَّ الْجِزْيَةَ خَرَاجُ الرِّقَابِ، وَهُمَا حَقَّانِ عَلَى رِقَابِ الْكُفَّارِ وَأَرْضِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَتَّفِقَانِ فِي وُجُوهٍ وَيَفْتَرِقَانِ فِي وُجُوهٍ.
فَيَتَّفِقَانِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَأْخُوذٌ مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى وَجْهِ الصَّغَارِ وَالذِّلَّةِ، وَأَنَّ مَصْرِفَهُمَا مَصْرِفُ الْفَيْءِ، وَأَنَّهُمَا يَجِبَانِ فِي كُلِّ حَوْلٍ مَرَّةً، وَأَنَّهُمَا يَسْقُطَانِ بِالْإِسْلَامِ عَلَى تَفْصِيلٍ نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ الْجِزْيَةَ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ، وَالْخَرَاجَ بِالِاجْتِهَادِ، وَأَنَّ الْجِزْيَةَ إِذَا قُدِّرَتْ عَلَى الْغَنِيِّ لَمْ تَزِدْ بِزِيَادَةِ غِنَاهُ، وَالْخَرَاجَ يُقَدَّرُ بِقَدْرِ كَثْرَةِ الْأَرْضِ وَقِلَّتِهَا، وَالْخَرَاجَ يُجَامِعُ الْإِسْلَامَ حَيْثُ نَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْجِزْيَةَ لَا تُجَامِعُهُ بِوَجْهٍ ; وَلِذَلِكَ يَجْتَمِعَانِ تَارَةً فِي رَقَبَةِ الْكَافِرِ وَأَرْضِهِ وَيَسْقُطَانِ تَارَةً، وَتَجِبُ الْجِزْيَةُ حَيْثُ لَا خَرَاجَ، وَالْخَرَاجُ حَيْثُ لَا جِزْيَةَ.