وَعُلُومٌ، وَكَانَ فِي بَغْدَادَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِلَالٍ الصَّابِئُّ صَاحِبُ " الرَّسَائِلِ " وَكَانَ عَلَى دِينِهِمْ وَيَصُومُ رَمَضَانَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَكْثَرُهُمْ فَلَاسِفَةٌ وَلَهُمْ مَقَالَاتٌ مَشْهُورَةٌ ذَكَرَهَا أَصْحَابُ الْمَقَالَاتِ.
وَجُمْلَةُ أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَ الْأَنْبِيَاءَ وَلَا يُوجِبُونَ اتِّبَاعَهُمْ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ مَنِ اتَّبَعَهُمْ فَهُوَ سَعِيدٌ نَاجٍ وَأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ بِعَقْلِهِ مَا دَعَوْا إِلَيْهِ فَوَافَقَهُمْ فِيهِ وَعَمِلَ بِوَصَايَاهُمْ فَهُوَ سَعِيدٌ وَإِنْ لَمْ يَتَقَيَّدْ بِهِمْ.
فَعِنْدَهُمْ: دَعْوَةُ الْأَنْبِيَاءِ حَقٌّ وَلَا تَتَعَيَّنُ طَرِيقًا لِلنَّجَاةِ وَهُمْ يُقِرُّونَ أَنَّ لِلْعَالَمِ صَانِعًا مُدَبِّرًا حَكِيمًا مُنَزَّهًا عَنْ مُمَاثَلَةِ الْمَصْنُوعَاتِ، وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ أَوْ أَكْثَرَهُمْ قَالُوا: نَحْنُ عَاجِزُونَ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى جَلَالِهِ بِدُونِ الْوَسَائِطِ، وَالْوَاجِبُ التَّقَرُّبُ إِلَيْهِ بِتَوَسُّطِ الرُّوحَانِيِّينَ الْمُقَدَّسِينَ الْمُطَهَّرِينَ عَنِ الْمَوَادِّ الْجُسْمَانِيَّةِ، الْمُبَرَّئِينَ عَنِ الْقُوَى الْجَسَدِيَّةِ الْمُنَزَّهِينَ عَنِ الْحَرَكَاتِ الْمَكَانِيَّةِ وَالتَّغْيِيرَاتِ الزَّمَانِيَّةِ بَلْ قَدْ جُبِلُوا عَلَى الطَّهَارَةِ وَفُطِرُوا عَلَى التَّقْدِيسِ.
قَالُوا وَإِنَّمَا أَرْشَدَنَا إِلَيْهِمْ مُعَلِّمُنَا الْأَوَّلُ " هِرْمِسُ " فَنَحْنُ نَتَقَرَّبُ إِلَيْهِمْ