الْحَارِثِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ: " لَمَّا قَالَ: «كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَنِي قُرَيْظَةَ - كَذَا فِيهِ، قَالَ شَيْخُنَا: أَحْسَبُهُ وَبَنِي قَيْنُقَاعَ - اعْتَزَلَ ابْنُ الْأَشْرَفِ وَلَحِقَ بِمَكَّةَ وَكَانَ فِيهَا وَقَالَ: لَا أُعِينُ عَلَيْهِ وَلَا أُقَاتِلُهُ، فَقِيلَ لَهُ بِمَكَّةَ: دِينُنَا خَيْرٌ أَمْ دِينُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ؟ قَالَ: دِينُكُمْ خَيْرٌ وَأَقْدَمُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ، وَدِينُ مُحَمَّدٍ حَدِيثٌ» .
فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُظْهِرْ مُحَارَبَتَهُ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ جَمِيعَ مَا أَتَاهُ ابْنُ الْأَشْرَفِ إِنَّمَا هُوَ أَذًى بِاللِّسَانِ، فَإِنَّ رِثَاءَهُ لِقَتْلَى الْمُشْرِكِينَ وَتَحْضِيضَهُ عَلَى قِتَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَّهُ وَطَعْنَهُ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ وَتَفْضِيلَهُ دِينَ الْكُفَّارِ عَلَيْهِ، كُلُّهُ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَلَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا فِيهِ مُحَارَبَةٌ.
وَمَنْ نَازَعَنَا فِي سَبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْوِهِ فَهُوَ فِيمَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ مِنْ تَفْضِيلِ دِينِ الْكُفَّارِ وَحَضِّهِمْ بِاللِّسَانِ عَلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ أَشَدُّ مُنَازَعَةً، فَإِنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا تَجَسَّسَ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَأَخْبَرَهُمْ بِعَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَدَعَا الْكُفَّارَ إِلَى قِتَالِهِمُ انْتَقَضَ عَهْدُهُ أَيْضًا كَمَا يَنْتَقِضُ