وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
رَوَى مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عُقُولَهُ، ثُمَّ كَتَبَ: " أَنَّهُ لَا يَحِلُّ [لِمُسْلِمٍ] أَنْ يَتَوَلَّى مَوْلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ» ". فَقَدْ بَيَّنَ فِيهَا أَنَّ كُلَّ مَنْ تَبِعَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْيَهُودِ فَإِنَّ لَهُ النَّصْرَ.
وَمَعْنَى الِاتِّبَاعِ مُسَالَمَتُهُ وَتَرْكُ مُحَارَبَتِهِ، لَا الِاتِّبَاعُ فِي الدِّينِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي أَثْنَاءِ " الصَّحِيفَةِ " فَكُلُّ مَنْ أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ وَمَخَالِيفِهَا غَيْرُ مُحَارِبٍ مِنْ يَهُودَ دَخَلَ فِي هَذَا.
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ لِيَهُودِ كُلِّ بَطْنٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ذِمَّةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَّا وَلَهُ حِلْفٌ، إِمَّا مَعَ الْأَوْسِ أَوْ مَعَ بَعْضِ بُطُونِ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ بَنُو قَيْنُقَاعَ - وَهُمُ الْمُجَاوِرُونَ لِلْمَدِينَةِ وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ - حُلَفَاءُ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ رَهْطُ ابْنِ أَبِي رُهْمٍ، الْبَطْنُ الَّذِي بُدِئَ بِهِمْ فِيهِ هَذِهِ الصَّحِيفَةُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: «أَنَّ بَنِي قَيْنُقَاعَ كَانُوا أَوَّلَ يَهُودَ نَقَضُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَانُوا