أَيْ: كَيْفَ يَكُونُ لَهُمْ عَهْدٌ وَلَوْ ظَهَرُوا عَلَيْكُمْ لَمْ يَرْقُبُوا الرَّحِمَ الَّتِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ وَلَا الْعَهْدَ، فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ كَانَتْ حَالَتُهُ أَنَّهُ إِذَا ظَهَرَ لَمْ يَرْقُبْ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ مِنَ الْعَهْدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ، وَمَنْ جَاهَرَنَا بِالطَّعْنِ فِي دِينِنَا وَسَبِّ رَبِّنَا وَنَبِيِّنَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ عَلَيْنَا لَمْ يَرْقُبِ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ هَذَا فِعْلُهُ مَعَ وُجُودِ الْعَهْدِ وَالذِّلَّةِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالدَّوْلَةِ؟ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ لَنَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَفِيَ لَنَا بِالْعَهْدِ وَلَوْ ظَهَرَ.
فَإِنْ قِيلَ: فَالْآيَةُ إِنَّمَا هِيَ فِي أَهْلِ الْهُدْنَةِ الْمُقِيمِينَ فِي دَارِهِمْ، قِيلَ: الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ لَفْظَهَا أَعَمُّ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا إِذَا كَانَ مَعْنَاهَا فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ الْمُقِيمِينَ بِدَارِهِمْ فَثُبُوتُهُ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ الْمُقِيمِينَ بِدَارِنَا أَوْلَى وَأَحْرَى.
268 - فَصْلٌ
[انْتِقَاضُ الْعَهْدِ بِنَكْثِهِمْ أَيْمَانَهُمْ] .
الدَّلِيلُ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [التوبة: 12] فَأَمَرَ سُبْحَانَهُ بِقِتَالِ مَنْ نَكَثَ