قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ يَقُولُ: " «إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تُهْدَمَ الْكَنَائِسُ الَّتِي فِي الْأَمْصَارِ الْقَدِيمَةِ وَالْحَدِيثَةِ» ". ذَكَرَهُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَهَذَا الَّذِي جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ وَالْآثَارُ هُوَ مُقْتَضَى أُصُولِ الشَّرْعِ وَقَوَاعِدِهِ، فَإِنَّ إِحْدَاثَ هَذِهِ الْأُمُورِ إِحْدَاثُ شِعَارِ الْكُفْرِ، وَهُوَ أَغْلَظُ مِنْ إِحْدَاثِ الْخَمَّارَاتِ وَالْمَوَاخِيرِ، فَإِنَّ تِلْكَ شِعَارُ الْكُفْرِ وَهَذِهِ شِعَارُ الْفِسْقِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَالِحَهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عَلَى إِحْدَاثِ شَعَائِرِ الْمَعَاصِي وَالْفُسُوقِ، فَكَيْفَ إِحْدَاثُ مَوْضِعِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ؟ ! .
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا حُكْمُ هَذِهِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي الْبِلَادِ الَّتِي مَصَّرَهَا الْمُسْلِمُونَ؟ قِيلَ: هِيَ عَلَى نَوْعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تُحْدَثَ الْكَنَائِسُ بَعْدَ تَمْصِيرِ الْمُسْلِمِينَ لِمِصْرٍ فَهَذِهِ تُزَالُ اتِّفَاقًا.
الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ يُمَصِّرُ الْمُسْلِمُونَ حَوْلَهَا الْمِصْرَ، فَهَذِهِ لَا تُزَالُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَوَرَدَ عَلَى شَيْخِنَا اسْتِفْتَاءٌ فِي أَمْرِ الْكَنَائِسِ صُورَتُهُ: مَا يَقُولُ السَّادَةُ