واستدلوا بحديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - في وصيته ليزيد بن أبي سفيان (?) حين بعثه على جيش إلى الشام جاء فيه (..ولا تقطعن شجرا مثمرا، ولا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة، ولا بعيرا إلا لمأكله، ولا تحرقن نخلا، ولا تفرقنه..) (?) .

وجه الدلالة: أنا أبا بكر - رضي الله عنه - نهى قائد الجيش يزيد أن يحرق، أو يقطع ما فيه ثمر ونحو ذلك من أشجار الكفار، أو يخرب شيئا من بيوتهم وأبو بكر - رضي الله عنه - ما قال ذلك إلا وعنده ما يؤيد ذلك من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أو فعله.

ونوقش هذا الاستدلال بما يلي:

1- أن ما روي عن أبي بكر رضي الله عنه محمول على أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر فتح الشام، فكان على يقين من أنها تفتح فتكون غنيمة للمسلمين وتخريبها وحرقها وقطع شجرها فيه ضرر للمسلمين، لا أنه يرى ذلك محرما، لأنه قد حضر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - تحريقه نخل بني النضير وكروم أهل الطائف وغير ذلك (?) .

2- أنه محمول على أن والي المسلمين يجوز له أن ينهي القائد والجند في حال القتال عن أمور يرى أن فيها مصلحة للمسلمين، والحكم في مصلحة المسلمين موكل إليه (?) .

الترجيح

الذي يظهر أن القول الأول الذي يجيز تحريق مدن العدو وزروعهم وقطع أشجارهم هو أقرب للرجحان لما يأتي:

1- قوة ما استدلوا به.

2- أن في ذلك غيظا للكفار وأجرا وثوابا للمجاهدين كما هو ظاهر الآية: {وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلا إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: 120] .

إلا أنه يرجع في ذلك إلى إذن الإمام فإن أذن بذلك لمصلحة رآها وظهرت له جاز تحريق مدنهم وزروعهم وقطع أشجارهم ونحو ذلك، وإن نهى الإمام عن فعل شيء من ذلك لم يجز فعل شيء من ذلك، لأنه نهى عن ذلك لمصلحة ظهرت له. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015