المسألة الثالثة
الاتفاقات بين المسلمين والكفار
إذا حصل اتفاقات بين المسلمين والكفار على أمور معينة مشروعة فإنه يجب الوفاء بها في حدود ما تضمنته الاتفاقات، لعموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] .
فلو حصل اتفاق بين المسلمين والكفار أنه لا سبي ولا استرقاق للنساء والأطفال وأنهم يعادون إلى أهليهم، كان ذلك ملزما للطرفين (?) .
جاء في شرح السير الكبير (ولو شرطوا أي العدو أن لا نقتل أسراهم إذا أصبناهم فلا بأس بأن نأسرهم ويكونوا فيئا ولا نقتلهم وإن شرطوا لا نأسر منهم أحدا فليس لنا أن نأسرهم أو نقتلهم إلا أن تظهر الخيانة منهم. فحينئذ يكون هذا نقضا منهم للعهد فلا بأس أن نقتل أسراهم، وأن نأسرهم كما كان لنا ذلك قبل العهد) (?) .
وبعد بيان هذه المسائل الثلاثة بشيء من الاختصار يتضح أنه في هذا العصر لا يمكن تطبيق سبي النساء واسترقاقهن في حال القتال مع الكفار لعدم تقسيم الغنائم على المجاهدين، وللاتفاقات المبرمة التي تمنع الرق في أسرى الحروب وتلزم بتسليم الأسرى إلى دولهم، فإذا قسمت الغنائم على المجاهدين، ولم يكن هناك اتفاقات ملزمة بين المسلمين والكفار، فإن الحكم ثابت في جواز سبيهن واسترقاقهن باتفاق الفقهاء. والله أعلم.