ِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28].
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي سَبَبِ نُزُولِهَا:
قِيلَ: نَزَلَتْ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ مِنْهُمْ: عَلِيٌّ، وَحَمْزَةُ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَالطُّفَيْلُ بْنُ الْحَارِثِ ابْنَيْ الْمُطَّلِبِ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَأُمُّ أَيْمَنَ وَغَيْرُهُمْ، وَيَقُولُ: أَمْ نَجْعَلُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ بِالْمَعَاصِي مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ؛ كَعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَحَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَالْعَاصِي بْنُ أُمَيَّةَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى: {أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28] يَعْنِي الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ فِي الْآخِرَةِ كَالْفُجَّارِ يَعْنِي مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ هَذِهِ أَقْوَالُ الْمُفَسِّرِينَ، وَلَا شَكَّ فِي صِحَّتِهَا؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ نَفَى الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ وَبَيْنَ الْمُتَّقِينَ وَالْفُجَّارِ، رُءُوسًا بِرُءُوسٍ وَأَذْنَابًا بِأَذْنَابٍ، وَلَا مُسَاوَاةَ بَيْنَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، كَمَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ فِي الْجَنَّةِ وَالْمُفْسِدِينَ الْفُجَّارَ فِي النَّارِ؛ وَلَا مُسَاوَاةَ أَيْضًا بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ مَعْصُومُونَ دَمًا وَعِرْضًا، وَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ وَالْفُجَّارَ فِي النَّارِ مُبَاحُو الدَّمِ وَالْعِرْضِ وَالْمَالِ، فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ الْمُفْسِدِينَ بِذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَوَقَعَتْ فِي الْفِقْهِ نَوَازِلُ مِنْهَا قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ، وَمِنْهَا إذَا بَنَى رَجُلٌ فِي أَرْضِ