فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: يُقَالُ: شَرَيْت بِمَعْنَى بِعْت، وَشَرَيْت بِمَعْنَى اشْتَرَيْت لُغَةً. وَالْبَخْسُ: النَّاقِصُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} [الأعراف: 85] وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَقِيلَ فِي بَخْسٍ: إنَّهُ بِمَعْنَى حَرَامٍ، وَلَا وَجْهَ لَهُ، وَإِنَّمَا الْإِشَارَةُ فِيهِ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ ثَمَنَهُ بِالْقِيمَةِ
؛ لِأَنَّ إخْوَتَهُ إنْ كَانُوا بَاعُوهُ فَلَمْ يَكُنْ قَصْدُهُمْ مَا يَسْتَفِيدُونَ مِنْ ثَمَنِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ قَصْدُهُمْ مَا يَسْتَفِيدُونَ مِنْ خُلُوِّ وَجْهِ أَبِيهِمْ عَنْهُ. وَإِنْ كَانَ الَّذِينَ بَاعُوهُ هُمْ الْوَارِدَةُ فَإِنَّهُمْ أَخْفَوْهُ مُقْتَطَعًا، أَوْ قَالُوا لِأَصْحَابِهِمْ: أَرْسِلْ مَعَنَا بِضَاعَةً، فَرَأَوْا أَنَّهُمْ لَمْ يُعْطَوْا عَنْهُ ثَمَنًا، وَأَنَّ مَا أَخَذُوهُ فِيهِ رِبْحٌ كُلُّهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف: 20]
إخْوَتُهُ أَوْ الْوَارِدَةُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ أَمْرُهُ عَبِيطًا لَا عِنْدَ الْإِخْوَةِ؛ لِأَنَّ مَقْصِدَهُمْ زَوَالُ عَيْنِهِ لَا مَالِهِ، وَلَا عِنْدَ الْوَارِدَةِ؛ لِأَنَّهُمْ خَالَفُوا اشْتِرَاكَ أَصْحَابِهِمْ مَعَهُمْ، وَرَأَوْا أَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ ثَمَنِهِ فِي الِانْفِرَادِ أَوْلَى.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: {دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} [يوسف: 20]:
وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَثْمَانَ كَانَتْ تَجْرِي عِنْدَهُمْ عَدَدًا لَا وَزْنًا، وَأَصْلُ النَّقْدَيْنِ الْوَزْنُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَلَا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ؛ فَمَنْ زَادَ أَوْ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى». وَلِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهَا إلَّا الْمِقْدَارُ؛ فَأَمَّا عَيْنُهَا فَلَا مَنْفَعَةَ فِيهِ، وَلَكِنْ جَرَى فِيهَا الْعَدَدُ تَخْفِيفًا عَنْ الْخَلْقِ؛ لِكَثْرَةِ الْمُعَامَلَةِ، فَيَشُقُّ الْوَزْنُ، حَتَّى لَوْ