"كطبيب": المراد به من باشر القصاص من الجاني، "زاد" على المساحة المطلوبة، "عمدا" فيقتص منه بقدر ما زاد" (?) اهـ.
فلم يلتفت إلى وصف الطبيب، وإنما التفت إلى قصده، ولا يشكل على هذا ورود العبارة في حق الطبيب الذي يقوم على القصاص، لأنه في حكم الطبيب المداوي فكل منهما قائم بمهمة مأذون فيها شرعًا واختلاف الحالين لا تأثير له، ولذلك نص الشيخ محمد الدسوقي -رحمه الله- (?) على وجوب القصاص على الطبيب المداوي، إذا قصد الاعتداء وذلك بقوله: "إنما لم يقتص من الجاهل لأن الفرض أنه لم يقصد ضررًا، وإنما قصد نفع العليل، أو رجا ذلك، وأما لو قصد ضرره فإنه يُقْتَصُ منه" (?) اهـ.
فدل هذا على مشروعية القصاص من الطبيب القاصد للاعتداء بالجراحة عمومًا "في النفس والأطراف".
وهذا الحكم الذي نص عليه هؤلاء الفقهاء -رحمهم الله- يتفق مع الأصل الشرعي الذي دلت عليه نصوص الكتاب العزيز. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} (?).