المال، ولأن هذا فعل محرم فيضمن سرايته كالقطع ابتداءً" (?) اهـ.

فبين -رحمه الله- أن مجاوزة الخاتن والقاطع للحدود المعتبرة للختان، والقطع أمر موجب للضمان، وحكم بحرمته في قوله: "ولأن هذا فعل محرم" فرده إلى الأصل، كما اعتبره بمثابة القطع على وجه الجناية وذلك بقوله: "كالقطع ابتداء".

وهذا كله يدل دلالة واضحة على وجوب اعتبار الأصول العلمية والتقيد بها أثناء القيام بمهام الجراحة الطبية، وأن مخالفتها والخروج عنها أمر محرم وموجب للمسئولية، وهو الأمر الذي أكده الإمام الشافعي -رحمه الله- من قبل بقوله: "وإذا أمر الرجل أن يحجمه، أو يختن غلامه، أو يبيطر دابته فتلفوا من فعله، فإن كان فعل ما يفعل مثله مما فيه الصلاح للمفعول به عند أهل العلم بتلك الصناعة فلا ضمان عليه، وإن كان فعل ما لا يفعل مثله من أراد الصلاح وكان عالمًا به فهو ضامن ... " (?).

فاعتبر -رحمه الله- الأصول العلمية المتبعة عند أهل العلم بمهمة الجراحة فأسقط الضمان بالتزامها وأوجبه بالخروج عنها.

وهذا الاعتبار الذي تضمنه كلام هذين الإمامين الجليلين نجده محل اتفاق بين أهل العلم -رحمهم الله-، كما أشار إلى ذلك العلامة ابن القيم -رحمه الله- فقال: "وإن كان الخاتن عارفًا بالصناعة، وختن المولود في الزمن الذي يختن فيه مثله، وأعطى الصناعة حقها، لم يضمن سراية الجرح اتفاقًا" (?) اهـ.

ومن هذا كله نخلص إلى القول باعتبار الشريعة الإسلامية لخروج الأطباء، ومساعديهم عن الأصول العلمية أمرًا موجبًا للمسئولية المهنية ... والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015