فهذه الوصية في الحقيقة صدقة تتم بالإيجاب وحده من الموصي؛ لأن قصد الموصي بالوصية للفقراء أو في وجه من وجوه الخير التقرب إلى الله بإخراج ماله إليه سبحانه لا التمليك لأحد.
شروطها:
1- في الموصي:
يشترط لصحة الوصية أن يكون الموصي أهلا للتبرع, بأن يكون كامل الأهلية بالعقل والبلوغ والحرية. وأن يكون مختارا غير مكره, وغير محجور عليه لسفه أو غفله؛ لأن التبرعات من غير هؤلاء باطلة لا تقبل الإجازة كما بينا في الهبة. وتستثنى من هذا جزئيتان:
"الأولى" تصح وصية الصغير المميز الخاصة بأمر تجهيزه ودفنه, ما دامت في حدود المصلحة؛ لأنها من حاجاته بعد موته.
"الثانية" تصح وصية المحجور عليه للسفه في وجه من وجوه الخير كبناء مستشقى. أو تعليم فقراء. وإن كان له وارث وأجازها نفذت من كل ماله، وكذا إذا لم يكن له وارث أصلا. وأما إن كانت له ورثة ولم يجيزوا هذه الوصية فإنها تنفذ من ثلث ماله فقط، والسبب في صحة وصيته في سبل الخير أن الحجر على السفيه إنما هو للمحافظة على ماله في حياته, حتى لا يصرفه في غير مصلحة, ولا يعيش عالة على غيره, وهو بالوصية لا يخرج شيئا عن ملكه حال حياته، بل يخرجها بعد مماته إلى وجوه البر التي يكون في أشد الحاجة إلى المثوبة عليها لا إلى المال. ولهذا السبب صح وقف المحجور عليه للسفه إذا وقف على نفسه ثم على جهة عينها؛ لأن الحجر إنما هو للمحافظة على أمواله, ووقفه بهذه الطريقة يحقق هذه المحافظة؛ لأنه يمنع العين من التصرف فيها بأي تصرف ناقل للملكية ويضمن ريعها لنفسه ما دام حيا.
2- في الموصى له:
إذا كان الموصى له معينا يشترط لصحة الوصية له أن يكون موجودا وقت الوصية تحقيقا أو تقديرا، فإذا قال الموصي أوصيت