3- في صيغة الهبة:
يشترط في صيغة الهبة أن تكون منجزة. لا معلقة على شرط. ولا مضافة إلى زمن مستقبل؛ لأن معناها التمليك في الحال. والتعليق يجعل التمليك عند وجود المعلق عليه لا في الحال. وكذلك الإضافة تجعل التمليك حين حلول الزمن المضاف إليه. فلو قال الواهب وهبت لك كتابي هذا إن نجحت في الامتحان فهي هبة باطلة، وكذلك لو قال وهبت لك كتابي في أول السنة المقبلة. إلا إذا كان التعليق صوريا, بأن كان المعلق عليه محققا وقت التكلم كما إذا قال إن كان هذا الكتاب ملكي فقد وهبته لك, وهو في الواقع ملكه؛ لأن هذه في الحقيقة صيغة منجزة في صورة معلقة. والأصل في عقود التمليك التام أنها تفيد الملك في الحال ولا تقبل توقيتا ولا تعليقا ولا إلى إضافة إلى مستقبل.
وأما اقترانها بالشرط: فإذا اقترنت الصيغة بشرط صحيح يلائم مقتضى العقد صحت الهبة, والشرط كما إذا وهبه كتابا, وشرط عليه أن يهديه هدية عينها. وأما إذا اقترنت بشرط لا يلائم مقتضى العقد, فالهبة تصح والشرط يبطل, كما إذا وهبه كتابا بشرط أن لا ينتفع به، أو بشرط أن لا يملكه ورثته من بعده.
والعمري هي هبة مقرونة بشرط باطل, ولذلك صحت وبطل الشرط. وصورتها أن يقول شخص لآخر وهبتك داري مدة عمرك, أو حياتك فإذا مت أنت فهي رد علي. أو وهبتك داري مدة عمري أو حياتي فإذا مت أنا فهي رد على ورثتي، أو يقول أعمرتك داري أو داري لك عمري, فهذه هبة مقرونة بشرط وهو تقييد الملك المقصود بها بوقت, هو مدة عمر الواهب أو الموهوب له, وهذا الشرط لا يلائم العقد؛ لأن مقتضى عقود التمليك التام استفادة الملك مطلقا غير موقت. ولذلك صحت الهبة وبطل الشرط فتكون الدار للمعمر له ولورثته من بعده.
وأما الرُّقبي فهي هبة معلقة على شرط غير محقق في الحال ولذلك كانت باطلة، وصورتها أن يقول شخص لآخر داري لك رقبي إن مت قبلك فهي لك، وإن مت قبلي فهي لي كأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه، فهذه هبة معلقة على موت