لما وهب فهو فضولي, وتصرف الفضولي يتوقف على إجازة المالك. ومن هذا هبة الرقيق؛ لأنه غير مالك فتتوقف هبته على إجازة المالك.

2- في الموهوب له:

يشترط في الموهوب له أن يكون موجودا تحقيقا وقت الهبة له. وأن يكون معينا. فإن كان غير موجود كما إذا قال الواهب وهبت داري لابن فلان, ولم يولد لفلان ابن فالهبة باطلة. وكذلك إن كان الموهوب له غير معين معلوم, كما إذا قال الواهب وهبت داري لفلان أو أخيه فالهبة باطلة؛ وذلك لأن الهبة تمليك العين في الحال, ولا تمليك إلا لموجود معلوم يتملك بنفسه أو بوليه, والمعدوم والمجهول لا يتملكان بنفسهما ولا بوليهما؛ لأنه لا ولاية لأحد عليهما فلا يتحقق معنى الهبة إذا كان الموهوب له واحدا منهما، وعلى هذا فالهبة للحمل غير صحيحة؛ لأن الحمل غير موجود تحقيقا فلا يملك بنفسه، ولا ولاية لأحد عليه وهو حمل إذ الولاية عليه تبتدئ من حين ولادته. بخلاف الوصية للحمل فإنها صحيحة، وسبب التفريق بينهما أن الهبة تمليك محض في الحال ولا تتم إلا بالقبض. والحمل ليس أهلا؛ لأن يتملك في الحال ولا أن يقبض لا بنفسه ولا بولي عليه. وأما الوصية فهي تمليك من وجه واستخلاف من وجه، ولذا قيل إنها أخت الميراث. ولا يشترط لتمامها القبض.

فمتى كان الموهوب له موجودا تحقيقا ومعلوما صحت الهبة له، غير أنه إن كان كامل الأهلية فهو الذي يقبل الهبة ويقبضها بنفسه أو بنائبه، وإن كان فاقد الأهلية بأن كان مجنونا أو طفلا غير مميز فالذي يقبل الهبة له, ويقبضها بنفسه, أو بوكيله هو الولي المالي عليهما؛ لأنهما ليسا أهلا للقبول والقبض. وإن كان ناقص الأهلية وهو الصبي المميز والمعتوه المميز أو محجورا عليه لسفه أو غفلة فالذي يقبل الهبة ويقبضها هو الولي عليهم أو هم بأنفسهم؛ لأن قبول الهبة من التصرفات النافعة نفعا محضا فيملكونها بأنفسهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015