دلائل الرشد لا يرتفع بها الحجر حتى يصدر قرار برفع الحجر فيكون غير محجور عليه من حين القرار؛ وذلك لأن وقائع السفه أو الغفلة قد تشتبه وقد تقدر وقائع سفه مع أنها ليست كذلك. وكذا الحال في وقائع الرشد، وإنما الذي يقدر هذه الوقائع ويحكم بأنها أمارات السفه أو أمارات رشد هو القضاء, فيناط الحجر أو رفعه بقراره. ولأن الحجر بالسفه والغفلة مختلف فيه. وإنما يرجحه قضاء الحاكم به. ولأنه إذا اعتبر محجورا عليه قبل صدور قرار بالحجر عليه كان في هذا تغرير بالناس الذين يعاملونه, بناء على أنه لم يقرر حجر عليه. والعمل جار بمذهب أبي يوسف؛ لأنه أضبط ووجهته أوضح.

وعلى هذا الخلاف فكل تصرفات السفيه وذي الغفلة بعد ظهور أمارات سفهه وغفلته, وقبل صدور قرار الحجر عليه تكون على قول أبي يوسف كتصرفات المطلق غير المحجور عليه. وعلى قول محمد حكمها حكم تصرف المحجور عليه.

وتصرفات المحجور عليه للسفه أو الغفلة بعد ظهور أمارات رشده, وقبل صدور قرار برفع الحجر عنه هي كتصرفات الرشيد على قول محمد, وكتصرفات السفيه أو ذي الغفلة على قول أبي يوسف.

المدين:

إذا طلب الدائنون الحجر على مدينهم فعلى مذهب الصاحبين المفتى به يجابون إلى طلبهم, ويحجر على المدين أن يتصرف تصرفا يضر بحقوق الدائنين, بحيث لو باشر تصرفا فيه إضرار بحقوقهم كان غير نافذ وتوقف على إجازتهم، ولهذا لو وقف المحجور عليه للدين فوقفه موقوف نفاذه على إجازة الغرماء، فإن أجازوه نفذ ولزم، وإن لم يجيزوه بطل. ولو وهب أو أوصى فكذلك، وإذا امتنع المدين من أداء ما عليه من الديون, فعلى قول الصاحبين للقاضي أن يبيع من أمواله ما يفي بالدين المطلوب منه مراعيا البدء ببيع ما يخشى عليه التلف منها، ثم بيع سائر المنقولات، ثم بيع سائر العقار. ويترك له ما يلزم له, ولمن تجب عليه نفقتهم بقدر الكفاية من طعام وكسوة وسكنى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015