هذان بالغان عاقلان ليسا فاقدي الأهلية ولا ناقصيها، والحجر عليهما على مذهب الصاحبين المفتى به ليس لقصور أهليتهما، وإنما هو لدفع الضرر عنهما, ودفع الضرر عن الناس بمعاملتهما، فإذا وجد من إنسان ما يدل على سفهه أو غفلته حجر عليه. ولكمال أهليتهما وكون الحجر عليهما إنما هو لحفظ مالهما كان كل منهما مخاطبا بجميع العبادات، وأهلا للتكاليف، وكان حكم تصرف الواحد منهما بعد الحجر عليه على ما يأتي:
إن كان تصرفه مما لا يقبل الفسخ ولا يبطله الهزل كان صحيحا نافذا، ولذا كان زواج كل منهما وطلاقه صحيحا نافذا لصدوره من كامل الأهلية.
وإن كان تصرفه مما عدا ذلك من العقود والتصرفات فحكمه حكم تصرف الصبي المميز والمعتوه المميز. فإن كان نافعا له نفعا محضا صح ونفذ. وإن كان ضارا به ضررا محضا بطل ولا تلحقه إجازة1. وإن كان محتملا النفع والضرر صح وكان موقوفا على إجازة القيّم عليه، فإن أجازه ولم يكن فيه غبن فاحش نفذ، وإن لم يجزه أو أجازه وفيه غبن فاحش لا ينفذ.
مبدأ ثبوت الحجر: ومع إتفاق الصاحبين على الحجر على السفيه وذي الغفلة اختلفا في أن الحجر هل يثبت بمجرد ظهور دلائل السفه والغفلة ويزول بزوالها، أو لا يثبت إلا بصدور قرار بالحجر من الجهة المختصة، ولا يزول إلا بصدور قرار منها برفعه.
قال محمد إن المسبب يدور مع سببه وجودا وعدما، فإذا وجدت دلائل السفه أو الغفلة يثبت الحجر من حين ظهورها، سواء صدر قرار الحجر معها أو بعدها، وإذا زالت هذه الدلائل ارتفع الحجر سواء صدر قرار رفعه معها أو بعدها.
وقال أبو يوسف إن مجرد وجود وقائع السفه أو الغفلة لا يثبت بها الحجر حتى يصدر قرار بالحجر بناء عليها فيكون محجورا عليه من حين القرار. وكذلك مجرد ظهور