407 - الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «انْتَدَبَ اللَّهُ -، وَلِمُسْلِمٍ: تَضَمُّنَ اللَّهُ - لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِي، وَإِيمَانٌ بِي، وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي فَهُوَ عَلِيّ ضَامِنٌ: أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ أُرْجِعَهُ إلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» . 408 -، وَلِمُسْلِمٍ «مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ - كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ إنْ تَوَفَّاهُ: أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يُرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَحْسُوسَاتِ الَّتِي عَهِدْتُمُوهَا مِنْ لَذَّاتِ الدُّنْيَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ اسْتَبْعَدَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُوَازَنَ شَيْءٌ مِنْ نَعِيمِ الْآخِرَةِ بِالدُّنْيَا كُلِّهَا، فَحَمَلَ الْحَدِيثَ أَوْ مَا هُوَ مَعْنَاهُ: عَلَى أَنَّ هَذَا الَّذِي رُتِّبَ عَلَيْهِ الثَّوَابُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا كُلِّهَا لَوْ أُنْفِقَتْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَأَنَّهُ قَصَدَ بِهَذَا أَنْ تَحْصُلَ الْمُوَازَنَةُ بَيْنَ ثَوَابَيْنِ أُخْرَوِيَّيْنِ، لِاسْتِحْقَارِهِ الدُّنْيَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ مِنْ الْأُخْرَى "، وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ التَّفْضِيلِ، وَالْأَوَّلُ عِنْدِي: أَوْجَهُ وَأَظْهَرُ. " وَالْغَدْوَةُ " بِفَتْحِ الْغَيْنِ: السَّيْرُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى الزَّوَالِ وَ " الرَّوْحَةُ " مِنْ الزَّوَالِ إلَى اللَّيْلِ وَاللَّفْظُ مُشْعِرٌ بِأَنَّهَا تَكُونُ فِعْلًا وَاحِدًا، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ عَلَى الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ فَفِيهِ زِيَادَةُ تَرْغِيبٍ، وَفَضْلٌ عَظِيمٌ.
" الضَّمَانُ، وَالْكَفَالَةُ " هَهُنَا: عِبَارَةٌ عَنْ تَحْقِيقِ هَذَا الْمَوْعُودِ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِنَّ الضَّمَانَ، وَالْكَفَالَةَ: مُؤَكِّدَانِ لِمَا يُضْمَنُ، وَيُتَكَفَّلُ بِهِ، وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِهِمَا.