اللَّاتِي فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ: أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَهُ، فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ، قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ، فَأَكَلْتُهُ. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْظُرُ» .
387 - الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ، نَأْكُلُ الْجَرَادَ.»
قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْمَحْنُوذُ " الْمَشْوِيُّ بِالرَّضِيفِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْمُحْمَاةُ. فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ الضَّبِّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا سُئِلَ " أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: لَا "، وَلِتَقْرِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَكْلِهِ، مَعَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ، وَهُوَ أَحَدُ الطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْأَحْكَامِ - أَعْنِي الْفِعْلَ، وَالْقَوْلَ، وَالتَّقْرِيرَ مَعَ الْعِلْمِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْإِعْلَامِ بِمَا يُشَكُّ فِي أَمْرِهِ، لِيَتَّضِحَ الْحَالُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ لَا يَعْلَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَيْنَ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ، وَأَنَّهُ ضَبٌّ فَقُصِدَ الْإِعْلَامُ بِذَلِكَ، لِيَكُونُوا عَلَى يَقِينٍ مِنْ إبَاحَتِهِ، إنْ أَكَلَهُ أَوْ أَقَرَّ عَلَيْهِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَيْسَ مُطْلَقُ النُّفْرَةِ وَعَدَمُ الِاسْتِطَابَةِ دَلِيلًا عَلَى التَّحْرِيمِ، بَلْ أَمْرٌ مَخْصُوصٌ مِنْ ذَلِكَ، إنْ قِيلَ: إنَّ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ التَّحْرِيمِ، أَعْنِي الِاسْتِخْبَاثَ، كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ.
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إبَاحَةِ أَكْلِ الْجَرَادِ. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْحَدِيثِ لِكَوْنِهَا ذُكِّيَتْ بِذَكَاةِ مِثْلِهَا، كَمَا يَقُولُهُ الْمَالِكِيَّةُ، مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ يَقْتَضِي مَوْتَهَا، كَقَطْعِ