184 - الْحَدِيثُ السَّابِعُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ. قَالَ: مَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي، وَأَنَا صَائِمٌ - وَفِي رِوَايَةٍ: أَصَبْتُ أَهْلِي فِي رَمَضَانَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَمَكَثَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَا فِي مَعْنَاهُ، أَوْ مَا يُقَارِبُهُ. فَإِنَّهُ أَمْرٌ بِالْإِتْمَامِ. وَسُمِّيَ الَّذِي يُتِمُّ " صَوْمًا " وَظَاهِرُهُ: حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ. وَإِذَا كَانَ صَوْمًا وَقَعَ مُجْزِئًا. وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ: عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ. وَالْمُخَالِفُ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ: إتْمَامُ صُورَةِ الصَّوْمِ. وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَيُجَابُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَمْلِ الصَّوْمِ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ. وَإِذَا دَارَ اللَّفْظُ بَيْنَ حَمْلِهِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ. كَانَ حَمْلُهُ عَلَى الشَّرْعِيِّ أَوْلَى. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّ دَلِيلٌ خَارِجٌ يُقَوِّي بِهِ هَذَا التَّأْوِيلَ الْمَرْجُوحَ فَيُعْمَلُ بِهِ. وَقَوْلُهُ «فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الصَّوْمِ. فَإِنَّ فِيهِ إشْعَارًا بِأَنَّ الْفِعْلَ الصَّادِرَ مِنْهُ مَسْلُوبُ الْإِضَافَةِ إلَيْهِ. وَالْحُكْمُ بِالْفِطْرِ يَلْزَمُهُ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ. وَاَلَّذِينَ قَالُوا بِالْإِفْطَارِ حَمَلُوا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْإِخْبَارُ بِرَفْعِ الْإِثْمِ عَنْهُ، وَعَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ بِهِ. وَتَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لَا يَقْتَضِي مِنْ حَيْثُ هُوَ مُخَالَفَةٌ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِاللَّقَبِ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ، أَوْ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْغَالِبِ. فَإِنَّ نِسْيَانَ الْجِمَاعِ نَادِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ. وَالتَّخْصِيصُ بِالْغَالِبِ لَا يَقْتَضِي مَفْهُومًا.
1 -
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جِمَاعِ النَّاسِي، هَلْ يُوجِبُ الْفَسَادَ عَلَى قَوْلِنَا: إنْ أَكَلَ النَّاسِي لَا يُوجِبُهُ؟ وَاخْتَلَفَ أَيْضًا الْقَائِلُونَ بِالْفَسَادِ: هَلْ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ؟ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ أَكْلَ النَّاسِي لَا يُوجِبُهَا، وَمَدَارُ الْكُلِّ عَلَى قُصُورِ حَالَةِ الْمُجَامِعِ نَاسِيًا عَنْ حَالَةِ الْأَكْلِ نَاسِيًا، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعُذْرِ وَالنِّسْيَانِ.
وَمَنْ أَرَادَ إلْحَاقَ الْجِمَاعِ بِالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَإِنَّمَا طَرِيقُهُ الْقِيَاسُ، وَالْقِيَاسُ مَعَ الْفَارِقِ مُتَعَذَّرٌ، إلَّا إذَا بَيَّنَ الْقَائِسُ أَنَّ الْوَصْفَ الْفَارِقَ مُلْغًى.