ذكر ابن القيم –رحمه الله-: أن النفس إذا اطمأنت من الشك إلى اليقين ومن الجهل إلى العلم ومن الغفلة إلى الذكر ومن الخيانة إلى التوبة ومن الرياء إلى الإخلاص ومن الكذب إلى الصدق ومن العجز إلى الكَيْس ومن صولة العجب إلى ذِلّة الإخبات ومن التيه إلى التواضع ومن الفتور إلى العمل فقد باشرت روح الطمأنينة.
وأصل ذلك ومنشؤه من اليقظة فهل أول مفاتيح الخير، فإن الغافل عن الاستعداد للقاء ربه والتزوّد لمعاده بمنزلة النائم بل أسوأ حالاً منه، فإن الغافل يعلم وعد الله ووعيده وما تتقاضاه أوامر الرب تعالى ونواهيه وأحكامه من الحقوق لكن يحجبه عن حقيقة الإدراك ويُقْعده عن الاستدراك سِنَة القلب وهي غفلته التي رقد فيها فطال رقوده وركَدَ وأخلد إلى نوازع الشهوات فاشتد إخلاده وركوده، وانغمس في غمار الشهوات واستولت عليه العادات ومخالطة أهل البطالات ورضي بالتشبه بأهل إضاعة الأوقات.