ومتى توعّد عفا. فقال يا شيخ أتشير عليّ بالتلبية؟ قلت: نعم، فبادر إلى الأرض واضطجع ووضع خده على التراب وأخذ حجراً فوضعه على خده وأسبل دموعه وقال: لبيك اللهم لبيك قد خضعت لك وهذا مصرعي بين يديك، فأقام كذلك ساعة ثم مضى فما رأيته إلا بمنى وهو يقول: اللهم إن الناس ذبحوا ونحروا وتقربوا إليك وليس لي شيء أتقرب به سوى نفسي فتقبلها مني ثم شهق شهقة وخرّ ميتاً رحمة الله تعالى عليه.
وذكر ابن القيم في التوبة الصادقة شهود الذل والإنكسار بين يدي الله عز وجل وأن هذا أحب إلى الله من طاعات أمثال الجبال من المُدِلّين المعجبين.
قال: وهو مشهد الذل والإنكسار والخضوع والإفتقار للرب جل جلاله، فيشهد في كل ذرة من ذراته الباطنة والظاهرة ضرورة تامة وافتقاراً تاماً إلى ربه وَوَليه ومَن بيده صلاحه وفلاحه وهداه وسعادته، وهذه الحال التي تحصل لقلبه لا تنال العبارة حقيقتها وإنما تُدرَك بالحصول، فيحصل لقلبه كسرة خاصة لا يشبهها شيء بحيث يرى نفسه كالإناء المرضوض تحت الأرجل الذي لا شيء فيه ولا به