فبه يطمئن وإليه يسكن وإليه يأوي وبه يفرح وعليه يتوكل وبه يثق وإياه يرجو وله يخاف.
فذِكْرُه قُوته وغذاؤه، ومحبته والشوق إليه حياته ونعيمه ولذته وسروره، والإلتفات إلى غيره والتعلق بسواه داؤه، والرجوع إليه دواؤه، فإذا حصل له ربه سكن إليه واطمأن به وزال ذلك الإضطراب والقلب وانسدّت تلك الفاقة، فإن في القلب فاقة لا يسدها شيء سوى الله تعالى أبداً، وفيه شَعث لا يلمّه غير الإقبال عليه، وفيه مرض لا يشفيه غير الإخلاص له وعبادته وحده.
فهو دائماً يضرب على صاحبه حتى يسكن ويطمئن إلى إلهه ومعبوده، فحينئذ يباشر روح الحياة ويذوق طعمها، ويصير له حياة أخرى غير حياة الغافلين المعرضين عن هذا الأمر الذي له خُلق الخلق ولأجله خلقت الجنة والنار، وله أرسلت الرسل وأنزلت الكتب، ولو لم يكن جزاء إلا نفس وجوده لكفى به جزاء وكفى بفوْته حسرة وعقوبة. انتهى.
يريد رحمه الله بهذا الكلام الأخير أن صحة القلب وحياته التي وصف بتقدير أن لا جزاء عليها فكفى بها جزاء، يوضح ذلك ما ذكر عن بعض من حصل لهم هذا النعيم العاجل.