قال شيخ الإسلام: ولذة القلب وألمه أعظم من لذة الجسم وألمه، فلذلك كان مرض القلب وشفاؤه أعظم من مرض الجسم وشفائه، فكما أن الإنسان إذا صار لا يسمع بأذنه ولا يبصر بعينه ولا ينطق بلسانه كان ذلك مرضاً مؤلماً له يفوّته من المصالح ويحصل له من المضار.
فكذلك إذا لم يسمع ولم يبصر ولم يعلم بقلبه الحق من الباطل ولم يميز بين الخير والشر والغيّ والرشاد كان ذلك من أعظم أمراض قلبه وألمه، فكذلك إذا بُلِيَ بحب من لا ينفعه العشق ونحوه سواء كان لصورة أو لرئاسة أو لمال ونحو ذلك فإن لم يحصل محبوبه ومطلوبه فهو متألم ومريض سقيم، وإن حصل محبوبه فهو أشد مرضاً وألماً وسقماً، ولذلك كما أن المريض إذا كان يبغض ما يحتاج إليه من الطعام والشراب كان ذلك الألم حاصلاً وكان دوامه على ذلك يوجب من الألم أكثر من ذلك حتى يقتله حتى يزول ما يوجب بغضه لما ينفعه ويحتاج إليه فهو متألم في الحال وتألّمه فيما بعد إن لم يُعافه الله أعظم وأكبر، فبغض الحاسد لنعمة الله على المحسود كبُغض المريض لأكل الأصحاء لأطعمتهم وأشربتهم حتى لا يقدر أن يراهم يأكلون، وعمى القلب وبَكَمُهُ أن يبصر الحقائق ويميّز ما ينفعه ويضرّه كعمى