من جهة حسرة فوْته وأنه حيل بينه وبينه مع شدة تعلق روحه به ومن جهة فوْت ما هو خير له وأنفع وأدْوَم حيث لم يحصل له.
فالمحبوب الحاصل فات والمحبوب الأعظم لم يظفر به، وكل من عرف الله أحبه وأخلص العبادة له ولا بد ولم يؤثر عليه شيئاً من المحبوبات، فمن آثر عليه شيئاً من المحبوبات فقلبه مريض كما أن المعدة إذا اعتادت أكل الخبيث وآثرته على الطيب سقطت عنها شهوة الطيب وتعوّضت بمحبة غيره.
وقد يمرض القلب ويشتد مرضه ولا يعرف به صاحبه لاشتغاله وانصرافه عن معرفة صحته وأسبابها، بل قد يموت وصاحبه لا يشعر بموته.
وعلامة ذلك أنه لا تؤلمه جراحات القبائح، ولا يُوجعه جهله بالحق وعقائده الباطلة، فإن القلب إذا كان فيه حياة تألّم بورود القبيح عليه، وتألّم بجهله بالحق بحسب حياته، وما لجرح بميت إيلام.
ومن علامات موت القلب نسيان ذكر الله، كما قيل:
فنسيان ذكر الله موت قلوبهم ... وأجسامهم فهي القبور الدوارسُ ...
وأزواجهم في وحشة من حبيبهم ... ولكنها عند الخبيث أوانس