قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) فأخبر أنه سوّى النفس كما أخبر أنه سوى البدن في قوله: (الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) فهو سبحانه سوى نفس الإنسان كما سوى بدنه.
بل سوى بدنه كالقالب لنفسه، فتسوية البدن تابع لتسوية النفس، والبدن موضوع لها كالقالب لما هو موضوع له.
ومن ها هنا يُعلم أنها تأخذ من بدنها صورة تتميز بها عن غيرها، وتميزها بعد المفارقة يكون أظهر من تميز الأبدان، والإشتباه بينهما أبعد من اشتباه الأبدان.
فإن الأبدان تشتبه كثيراً، وأما الأرواح فقلما تشتبه، وإذا كانت الأرواح العلوية وهم الملائكة متميزاً بعضهم عن بعض من غير أجسام تحملهم، وكذلك الجن، فتميّز الأرواح البشرية أولى.