وهل في الوجود محبة حق غير باطلة إلا محبته سبحانه؟ فإن كل محبة متعلقة بغيره فباطله زائلة ببطلان متعلّقها.
وأما محبته سبحانه فهي الحق الذي لا يزول ولا يبطل كما لا يزول متعلقها ولا يفنى، وكل ما سوى الله باطل ومحبة الباطل باطل.
فسبحان الله كيف تُنْكَر المحبة الحق التي لا محبة أحق منها ويُعترف بوجود المحبة الباطلة المتلاشية؟.
وهل تعلقت المحبة بوجود مُحْدَث إلا لكمال في وجوده بالنسبة إلى غيره؟ وهل ذلك الكمال إلا من آثار صنع الله الذي أتقن كل شيء؟
وهل الكمال كله إلا له؟ فكل من أحب شيئاً لكمال يدعوه إلى محبته فهو دليل وعبرة على محبة الله، وأنه أولى بكمال الحب من كل شيء، ولكن إذا كانت النفوس صغاراً كانت محبوباتها على قدْرها، وأما النفوس الكبار الشريفة فإنها تبذل حبها لأجلّ الأشياء وأشرفها. إنتهى.
يريد رحمه الله أن من أحب شيئاً من هذا العالم السفلي وصوره المخلوقة فإنما أحبه وانجذب قلبه إليه لما رآه فيه من جمال وكمال وما حصل ذلك منه إلا لجهله بالمحبوب الحق أو غلبة هواه مع علمه