فقالوا: بلادنا من أحسن البلاد وأجمعها لسائر أنواع النعيم وأرخاها، وأكثرها مياهاً، وأصحّها هواء، وأكثرها فاكهة وأعظمها اعتدالاً، وأهلها كذلك أحسن الناس صوراً وأبشاراً.
ومع هذا فمَلِكُها لا يناله الوصف جمالاً وكمالاً، وإحساناً وعلماً وحلماً، وجوداً ورحمة للرعية، وقرباً منهم، وله الهيبة والسطوة على سائر ملوك الأطراف، فلا يطمع أحد منهم في مقاومته ومحاربته، فأهل بلده في أمان من عدوهم، لا يحلّ الخوف بساحتهم.
ومع هذا فله أوقات يبرز فيها لرعيته، ويُسهِّل لهم الدخول عليه ويرفع الحجاب بينه وبينهم، فإذا وقعت أبصارهم عليه تلاشى عندهم كل ما هم فيه من النعيم واضمحل، حتى لا يلتفتون إلى شيء منه.
فإذا أقبل على واحد منهم أقبل عليه سائر أهل المملكة بالتعظيم والإجلال.
ونحن رسله إلى أهل البلاد ندعوهم إلى حضرته، وهذه كتبه إلى الناس، ومعنا من الشهود ما يزيل سوء الظن بنا ويدفع اتهامنا بالكذب عليه.
فلما سمع الناس ذلك، وشاهدوا أحوال الرسل انقسموا أقساماً: