ولهذا كانت هذه المواضع من أرطب مواضع البدن وهي أقبل لنبات الشعر وأهيأ، فدفعت الطبيعة تلك الفضلات والرّطوبات إلى خارج فصارت شَعراً، ولو حُبِست في داخل البدن لأضرته وآذت باطنه، فخروجها عين مصلحة الحيوان، واحتباسها إنما يكون لنقص وآفة فيه، وهذا كخروج دم الحيض من المرأة فإنه عين مصلحتها وكمالها، ولهذا يكون احتباسه لفساد في الطبيعة ونقص فيها؛ ألا ترى أن من احتبس عنه شعر الرأس واللحية بعد إبانه كيف تراه ناقص الطبيعة .. ناقص الخلقة .. ضعيف التركيب.
فإذا شاهدت ذلك في الشعر الذي عرفت بعض حكمته .. فما لك لا تعتبره في الشعر الذي خفيت عليك حكمته!) انتهى (?).
وتأمل العجب من كون بعض الناس لا يستعمل آلة من الآلات التي هي صناعة مخلوق مثله حتى ينظر في تعاليم صانعها