اللات والعزى يعبدونها في الرخاء ويخلصون لله في الشدة وعبادة هؤلاء أعظم من عبادتهم إياهم في شدائد البر والبحر, فإن كان الله أوقع في قلبك هذه الأصول ولو كان أباك أو أخاك فاكتب لي وبشرني لأن هذا ليس مثل الخطأ في الفروع, بل ليس الجهل بهذا فضلا عن إنكاره مثل الزنا والسرقة بل والله ثم والله ثم والله إن الأمر أعظم, وإن وقع في قلبك إشكال فاضرع إلى الله مقلب القلوب أن يهديك لدينه ودين نبيه"1.
برهان ذلك قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الأِنْسَانُ كَفُوراً} 2.
وقوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ, لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} 3.
ومما جاء في قصة إسلام عكرمة بن أبي جهل4 رضي الله عنه أنه لما ذهب فارا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وركب البحر أصابهم عاصف فقال أصحاب السفينة: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم هاهنا شيئا, فقال عكرمة: والله لئن لم ينجيني في البحر إلا الإخلاص, لا ينجيني في البر غيره, اللهم إن لك علي عهدا إن عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدا حتى أضع يدي في يده فلا أجدنه إلا عفوا كريما, قال فجاء فأسلم5 رضي الله عنه وأرضاه.