وطارت القلوب المسلمين بموته ... وظنوا به أن القيامة تقرع
فضجوا جميعا بالبكاء تأسفا ... وكادت قلوب بعده تنفجع
بكتة ذووا الحاجات يوم فراقه ... وأهل الهدى والحق الدين أجمع
يحق لأرواح المحبين أن ترى ... مقوضة لما خلت منه أربع
وتتلوا شريرا فوقه قمر الهدى ... وشمس المعالي والعلوم تشيع
فيا لك من قبر حوى الزهد والتقى ... وحل به طود من العلم منزع
لئن كان في الدنيا له القبر موضعا ... فيوم الجزا يرجى له الخلد موضع
وأسكنه بحبوبة الفوز والرضى ... ولا زال بالرضوان فيها يمتع1
وممن رثاه أيضا الإمام محمد بن علي الشوكاني رحمه الله بقصيدة طويلة اخترت منها الأبيات التالية:
مصاب دها قلبي فأذكى غلائلي ... وأصمى بهم الافتجاع مقاتلي
وخطب به أعشار أحشاي صدعت ... فأمست بفرط الوجد أي ثواكلي
ورزء تقاضا صفاء معيشتي ... وأنهلني قسرا أمرا المناهل
فقد مات طود العلم قطب رحى العلا ... ومركز أدوار الفحول الأفاضل
إمام الورى علامة العصر قدوتي ... وشيخ الشيوخ الحبر فرد الفضائل
محمد ذو المجد الذي عز دركه ... وجل مقاما عن لحوق المطاول
إلى عابد الوهاب يعزى, وأنه ... سلالة أنجاب زكي الخصائل
عليه من الرحمن أعظم رحمة ... تبل ثراه بالضحى والأصائل