وهل هذه الصفة من خصائص ولوازم الإيمان الذي هو أعلى مرتبةً من الإسلام ودون الإحسان؟

لقد وجدتُ كثيراً من الحفاظ والأئمة يعتنون بتفسير لفظة (الفَيْنة بعد الفَيْنة) بأنها (الحين بعد الحين) ، منهم: أبو القاسم التيمي، والديلمي، والبيهقي، دون أن يتعرضوا لأول الحديث لإزاحة هذا الاستشكال.

بل أن قِوَامَ السُّنَّة أبا القاسم التيمي ـ رحمه الله ـ لم يورده في أبواب (التوبة والاستغفار) من "ترغيبه" كما فعل أكثرُ من وقفتُ عليه من العلماء، بل أورده في الباب الأول (الإيمان) (فصل في صفة الإيمان والمؤمنين) ، فأورد أحاديث فيها صفات (الصبر) و (السماحة) و (حسن الخلق) و (أن تسرك حسنتك ... وتسوءك سيئتك) .

وحديث: " كيف أصبحت يا حارثة؟ " ـ على ضعفه هو وغيره ـ ونحو ذلك من الصفات الطيبه الصالحة، حتى ختم الفصل بهذا الحديث (رقم 26) وقال ـ عقبه ـ:

" الفينة بعد الفينة، أي: الوقت بعد الوقت، والساعة بعد الساعة ".

ولعله آثر لفظ حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس، لأنه ليس فيه هذه اللفظة الشنعاء: " أو ذنب هو مقيم عليه، لا يفارقه حتى يفارق الدنيا " الواقعة في أصح أسانيده ظاهراً والتي لم تقع إلا في " المعجم الكبير " للطبراني ـ عفا الله

عنه ـ ولعله لو كان لفظه:

" ما من عبد مسلم إلا وله ذنب " لكان أهون، كما لو كان اللفظ: " ما من عبد مُحسن ... " لكان أشنع، لما في مدلول مرتبة " الإحسان " من المراقبة الدائمة للحي القيوم الذي (لا يعزُبُ عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015