تقييد التُّسولي على فتوى علماء فاس وردّ الجزائريين عليها 1
ــــــــــــــــــــــــــــــ
لما فتح الروم ثغر الجزائر أعادها الله دار إسلام في الحرم سنة ست وأربعين ومائتين وألف، وغنموا سلطانها، وبقي ذلك الجو بلا أمير يجمع كلمتهم فدخلهم الرعب واختلّت الكلمة وغلب الفساد فيهم، فأتى رؤساؤهم وأهل الوجاهة منهم إلى أمير المؤمنين الآخذ لراية الكتاب والسنة باليمين، ظل الأمن والأمان مولانا عبد الرحمن سائلين منه الدخول في إيالته، وإجراء الأحكام فيهم بكلمته وسطوته، فاستشار- أيّده الله- قاضي هذه الحضرة الإدريسية وقتئذ وعلماءها فأفتوا بعدم قبولهم، لأن تلك إيالة أخرى وسلطانهم- وهو العثماني- سلطان إصطنبول لا زال قائماً موجوداً، فلما رأى علماء ذلك الجو وأهل الوجاهة منهم ما أفتى به قاضي فاس وعلماؤها كتبوا للسلطان المذكور- وهم يومئذ "بفاس"- ما نصّه:
(ليعلم سيّدنا قطب المجد ومركزه، ومحل الفخر ومحرزه، أساس الشرف الباذخ ومنبعه، وبساط الفضل الشامخ ومجمعه، السلطان الأعظم الأمجد الأفخم، نجل الملوك العظام سيّدنا ومولانا عبد الرحمن بن هشام، أبقى الله سيّدنا للمسلمين ذخراً، ومنحه مودّة وأجراً، أن فتوى سادتنا علماء "فاس" مبنيّة على غير أساس، لأنّهم اعتقدوا أن في عنقنا للإمام العثماني بيعة، وهذا لو صحّ لكان علينا حجة، وليس الأمر كذلك وإنما له مجرد الاسم هنالك، وعامل الجزائر