عينهم، فمخالفتهم عصيان لله ورسوله توجب عقوبتهم- بما تقدّم ذكره- فإن كانت عقوبتهم لا تتأتّى إلاّ بقتالهم قوتلوا، لأن عدم نفورهم رضا منهم باستيلاء عدوّ الدين.
وأمّا مانع الزكاة: فتؤخذ منه إنْ تحققت عمارة ذمته ببيّنة أو إقرار ولو كرهاً، وأما غلبة الظن بتعمير ذمّته، فغاية ما توجبه عليه اليمين.
وأمّا أرزاق الجيش: فقال "ابن منظور": (إذا عجز بيت المال عن أرزاق الجند وما يحتاج إليه من آلة الحرب، فيوزع على الناس ما يحتاج إليه من ذلك، ويستنبط هذا الحكم من قوله- تعالى-: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ... }، لكن لا يجوز ذلك إلاّ بشروط: أن يعجز بيت المال وتتعيّن الحاجة، وأن يصرفه الإمام بالعدل فلا يجوز أن يستأثر به دون المسلمين ولا ينفقه في سرف ولا يعطي من لا يستحق ولا أكثر ممّا يستحق، وأن يكون العزم على من كان قادراً من غير ضرر ولا إجحاف ومن لا شيء له أوله شيء قليل لا يغرم شيئاً، وأن يتفقدها في كل وقت فربّما جاء وقت لا يفتقر فيه لزيادة على مما في بيت المال، وكما يتعيّن التوزيع في المال فكذلك إذا تعيّنت الضرورة للمعونة بالأبدان- ولم يكف المال- فإن الناس يجبرون على التعاون بالأبدان بشرط القدرة وتعيّن المصلحة) اهـ.
فإنْ قلت: قد ورد في الحديث الكريم أنّه قال- عليه الصلاة والسلام-: "لا يدخل الجنة صاحب مكس" أليست المغارم المذكورة من المكس المذكور؟.
قلنا: ليست من المكس "لابن عرفة" إذ قال: (هو منع الناس من التصرّف في أموالهم بالبيع أو غيره ليختصّ المانع بنفع ذلك).
وقال "أبو محمد المرجاني": (المكس أنّ يحجر السلعة بحيث لا يبيعها أحد غيره) وقال "الطيبي": (المكس الضريبة التي يأخذها العشار).
قال الشيخ عبد القادر الفاسي: (فعلى تفسير الطيبي أخذ الفوائد في الأبوات والقاعات وأكثر الأسواق والرحاب مكس- وهو الذي كثر إستعماله في العرف-