الصادقة الحسنة في إصلاح حالة التعليم 1.
ولما تولّى المولى سليمان أبطل هذا المنشور لاختلاف وجهة نظره عمّا كان يراه والده واتبع منهجاً آخر فاهتمّ بالعلم والعلماء وخاصة التفسير، ورفع مناصبهم على سائر رجال دولته، وأجرى عليهم الأرزاق، حتى لقد تنافس الناس في أيامه في اقتناء العلوم وانتحال صناعتها لاعتزاز العلم وأهله في دولته وسعة أرزاقهم 2.
وقد كان ممّا ساعد الحركة العلمية على الازدهار في عهذه تصديه لمناقشة العلماء في آرائهم بالمذاكرة تارة، وبالتأليف تارة أخرى 3.
ثم عاد المولى عبد الرحمن بن هشام فجدّد المنشور الذي أبطله عمّه المولى سليمان فكان له تأثير ظاهر في إحياء كثير من العلوم الإسلامية 4. فاتجه إلى تنظيم التعليم وترتيب الدروس في جامع القرويين 5 بفاس، ولاسيّما بعد النشاط الملحوظ الذي عرفته زوايا القرويين أيام السلطان المولى سليمان.
فوجّه خطاباً إلى شيخ القرويين في ذلك الوقت 6 في 12 محرّم 1261، ضمّنه خطّة للاصلاح الشامل لنظام التدريس، كما حثّ فيه الشيوخ واليلبة على الجدّ والتحصيل والإفادة حيث يقول في مقدمته: (وبعد، فلقد بلغنا توافر طلبة العلم على العادة، وجدّهم في الطلب، غير أنّه قلّ التحصيل والافادة،