بسهولة ويسر. فإن لم يتيسر له ذلك، فلا أقل من أن تسلك الأفكار والثقافات الغازية طريقاً ولو طويلاً ومتعرجاً يمكن أن ينتهي في آخر مسيرة الغزو إلى مزاحمة المفاهيم الإسلامية وإبعادها واحتلال محلها.

فماذا عسى أن تكون ميادين هذه الأفكار والثقافات الغازية؟

إنها لا بد أن تكون ميادين لقسمين من العلوم:

القسم الأول: العلوم المتصلة بفلسفة الوجود ونشأته والغاية منه ومصير الحياة ومصير الإنسان بعد هذه الحياة. لأن هذه العلوم أو بالأ؛ رى ما يسمى علوماً من أفكار لا سند لها من علم أو تجربة هي التي يمكن أن تمس كبريات العقائد الإسلامية. إذ معظم المفاهيم الإسلامية النظرية الجذرية تدور في هذا الفلك.

وفي هذا القسم تدخل علوم الفلسفة ونشأة الكون ونشأة الحياة وأصل الإنسان والتطور وما إلى ذلك من بحوث.

القسم الثاني: العلوم المتصلة بسلوك الإنسان في هذه الحياة، فرداً كان أو جماعة، لأن معظم المفاهيم الإسلامية العملية تدور في هذا الفلك.

وفي هذا القسم تدخل جملة من العلوم كعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم الأخلاق وعلم الاقتصاد وعلم السياسة والفنون الجمالية المختلفة وبعض النظريات التي ليس لها نتائج عملية من نظريات العلوم المادية البحتة. فمن شأن هذه العلوم - إذا صيغت ضمن نظريات مزخرفة وأحيطت بهالة من التقديس العلمي المزور - أن تكون قادرة على غزو عقول الأجيال الناشئة من أبناء المسلمين وبناتهم، لا سيما إذا جاءت مقترنة ببعض الحقائق الظاهرة الخاضعة للتجربة والملاحظة، والتي ليس في إمكان الإنسان أن يزورها، والتي تقدم برهان صدقها من نتائجها المادية الظاهرة.

إذن فليكن عبور خطة الغزو الفكري أو الغزو الثقافي ضمن هذين الفلكين الثقافيين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015