أما بعد سن التمييز الذي تنتهي به فترة الحضانة، فإن البنين والبنات بحاجة حينئذ إلى مربٍ تترجح لديه الجوانب العقلية على الجوانب العاطفية.

ولما كان الرجل بفطرته متمتعاً بهذا النوع من الاختصاص كان أحق من المرأة بأن يتولى هذه الوظيفة، ولذلك قرر الإسلام في نظامه منح هذا الحق دون المرأة، حرصاً على سلامة تربية البنين والبنات من الانحراف الذي قد تساعد عليه عواطف المرأة، التي تجعلها تتساهل بواجبات التربية الحازمة الحكيمة.

ثانياً: الشهادة على الحقوق المالية وظيفة من وظائف الجماعة الإنسانية التي تثبت بها الحقوق، ولدى التبصر بهذه الوظيفة الاجتماعية، نلاحظ أنها بحاجة إلى إنسان تترجح لديه الجوانب العقلية على الجوانب العاطفةي، لئلا تساهم العاطفة الغالبة في الميل إلى أحد الخصمين على حساب حق الخصم الآخر.

ولما كان الرجل بفطرته العامة متمتعاً بهذا النوع من الاختصاص كانت شهادته أثبت من شهادة المرأة، التي تترجح لديها الجوانب العاطفية على الجوانب العقلية.

وفي جعل شهادة الرجل أثبت وأرجح من شهادة المرأة ضمان للحقوق، ولكن لما كان من المستبعد إجمالاً اتفاق امرأتين في الميل نحو عاطفة واحدة في هذا المضمار، كان لشهادتهما معاً قوة تساوي قوة شهادة رجل، ولذلك رفع الإسلام نصاب الشهادة الواحدة إلى امرأتين بدل امرأة واحدة، لتتكامل شهادتهما، فتكون في قوة شهادة واحدة، وقرر الإسلام مع ذلك في مضمار الحقوق أن يُستهشد عليها ذوا عدل من رجال المسلمين، وبذلك كان النصاب شهادتين لا شهادة واحدة، فإذا أضيف إلى هذا الأمر أن شهادة امرأتين بقوة واحدة، نظراً إلى الملاحظة السابقة، التي تهدف إلى ضمان الحقوق، تبين لنا وجه الدقة التامة في تأدية هذه الوظيفة الاجتماعية الموضحة في قول الله تعالى في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول) :

طور بواسطة نورين ميديا © 2015