الرسول للنساء أياماً يجتمعن فيها، ويعلمهن مما علمه الله، إضافة إلى الأيام التي يحضرن فيها مع الرجال، ليتزودن من العلم ما يخصهن، ويتعلق بشؤونهن، مما ينفردن به عن الرجال، بمقتضى تكوينهن الجسدي والنفسي، إذ بلغت عندهن الجرأة الأدبية الطيبة أن يطلبن ذلك من الرسول، فاستجاب لهن صلوات الله عليه.
يروي البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال: جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه، تعلمنا مما علمك الله، قال: اجتمعن يوم كذا وكذا، فاجتمعن، فأتاهن النبي فعلمهن مما علمه الله، ثم قال: "ما منكن من امرأة تقدم ثلاثة من الولد إلا كانوا لها حجاباً من النار" قالت امرأة: واثنين؟ فقال رسول الله: "واثنين".
فهذه امرأة من الصحابيات تأتي الرسول صلوات الله عليه بجرأة أدبية مشكورة وتخاطبه برباطة جأش، فتقول له: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله.
وذلك لأن الرجال كانوا يحتلون مكان المقدمة من مجالس الرسول، فتوجه إليهم أكثر كلماته وعظاته وبياناته، ولئن كان الإسلام في دعوته وأحكامه وتكاليفه ومواعظه يتناول الرجال والنساء على السواء، فإن بعض مسائله وأحكامه خاص بالرجال، وبعضها خاص بالنساء.
أما الرجال فينالون حظهم من التعرف على ما يخصهم، إذ ليس بينهم وبين الرسول حجاب، ولديهم من الجرأة ما يسألون عن كل أمر من أمور دينهم، فهم يسألون الرسول عن ذلك أينما حلوا وأينما راتحلوا، لكن النساء لا يستطعن دائماً أن يسألن عما يخصهن من أمور الدين، ويحللن به مشكلاتهن، ولئن كن يحضرن مجالس الرسول مع الرجال من دون اختلاط فإنهن ربما يستحيين أمام الرجال أن يسألن عنها.
لذلك كان تعليمهن ما يخصهن وحل مشكلاتهن، لا بد فيه من تخصيص مجالس لهن تعالج فيها أمورهن، وتوجه لهن فيها الأحكام والمواعظ بحسب