ومن شواهد ذلك الحادثة المشهور، حادثة المرأة التي وقفت في مسجد المدينة، وتصدت لخليفة المسلمين عمر بن الخطاب، إذ نهى عن المغالاة في المهور، فقالت له: ليس ذلك لك يا عمر، إن الله تعالى يقول: {وآتيتم إحداهن قنطارا} فقال عمر: "امرأة خاصمت عمر فخصمته" وجاء في رواية أخرى أنه قال: "امرأة أصابت ورجل أخطأ".

إن هذه المرأة قد نبهت عمر إلى حكم الإذن الشرعي بأن يقدم الرجل من المهر ما يشاء لمن يريد الزواج منها، فلما سمع عمر منها ذلك لم تأخذه عزة الخلافة، ولم تصده كبرياء النفس عن أن يستمع لقولها، ويعلن على جمهور المسلمين صواب المرأة.

وهكذا كانت التربية الإسلامية تكافلاً في المجتمع الإسلامي، لا يعزل منه نساء ولا صبيان ولا هرمون، والكل يشتركون في بناء هذا المجتمع على طاعة الله.

وهذه التربية هي التي جعلت عائشة أم المؤمنين راوية سفر كبير من لأحاديث والسير عن رسول الله ومثلها كثير من الصحابيات رضوان الله عليهن، كما جعل كثيراً من النساء المسلمات عالمات وأديبات وواعظات ومشاركات في كثير من أمور المسلمين العامة والخاصة.

وما أظن المدنية الحديثة التي تتبجح بإعطاء المرأة حقوقها، وتهاجم الإسلام ظلماً وعدواناً قد ارتقت بعد إلى هذا المرتقى الحضاري الذي رفع الإسلام إليه الأمم الهمجية بسرعة خاطفة، فكأنما نقلها من عالم إلى عالم، وكأنما أعاد صياغتها على الوجه الذي يريد، دون أن يصبر على سنن التطور ذات الأمد الطويل، وذلك لأنه استطاع أن ينفذ إلى أعماق القلوب فيغير ما فيها، ولم يكتف بالعمل على إكساب الناس بالمهارات العملية التجريبية فقط في ميادين التربية الإسلامية.

ألا فليعلم النساء، أن أعداء الإسلام الذين يريدون صرفهن عن الإسلام، بشعاراتهم البراقة، إنما يريدون أن يجعلوا المرأة سلعة كاسدة، ومتعة رخيصة، وخادمة مهانة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015