وشرب الخمر وأكل الميتة ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، وتناول سائر المأكولات والمشروبات المحرمة، والإفساد في الأرض، والصد عن سبيل الله، والقذف، وأكل أموال الناس بالباطل، والحقد والحسد، والغش والإضرار بالناس في العقود، وسائر المحرمات في الإسلام، يستوي فيها الرجال والنساء تحريماً وعقوبة.
ذلك لأن نسبة عناصر التكليف في كل من الصنفين - وهي العقل والإرادة والاستطاعة - متكافئة، كما أن دواعي المعصية في نفوس كل من الصنفين - وهي الغرائز والشهوات والمطامع - مكتافئة أيضاً، ومن أجل ذلك كانت المسؤولية على وجه العموم متكافئة، ولا يؤثر على قاعدة التكافؤ وجود الفروق الفردية، لأن هذه الفروق نفسها موجودة أيضاً في أفراد كل صنف منهما، وأمر هذه الفروق الفردية متروك لمجرى الحساب الرباني يوم القيامة كما سبق بيانه، أما في الدنيا وجزاءاتها وحدودها فالمسؤولية المنوطة بكل فرد من أفراد المكلفين واحدة.
ومن أمثلة المرحمات التي أبرزت النصوص الإسلامية تكافؤ المسؤولية فيها بين الرجال والنساء: السرقة، قال الله تعالى في سورة (المائدة/5 مصحف/112 نزول) :
} وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
فقد تكافأ السارق والسارقة جريمة وعقوبة، كما فتح الله لهما جميعاً باب التوبة والإصلاح والمغفرة والرحمة بنسبة واحدة.
ذلك لأن الدواعي النفسية للسرقة متشابهة بين الصنفين، وهي الطمع بأموال الآخرين، مع الاستهانة بالعدوان على حقوقهم، ولأن نسبة الجريمة مت شابهة في كل منهما، وهي استشراف النفس إلى الظلم والعدوان بعزم وتصميم، ولأن معرفة التحريم العقوبة في كل منهما متشابهة، لكل ذلك كان من العدل تساويهما وتكافؤهما.